هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا
“أنظر إليه وهو جالس بشكل دائم على الكرسي، لا يغيره، وكأنه أصبح جزءا منه. وأتساءل: ما معنى أن تقتصر حياة الإنسان على انتظار الموت؟
تدور أحداث هذه الرواية في مدينة الإسكندرية، وقد برع الكاتب الكبير محمد جبريل في رسم ملامح الشخصيات والبيوت والطرق بتفاصيل غاية في الجمال والدقة، لدرجة أننا نكاد نراها ونلمسها ونلمسها. تنفسوا هوائهم. بطل الرواية حاتم رضوان يشعر بالحزن لوفاة والده بعد سنوات من وفاة والدته. ثم يجبره شقيقه على مغادرة المنزل، فيستأجر غرفة في منزل عائلة مصرية يونانية، ويبذل جهده في محاولة التكيف مع أفرادها الذين يختلفون عنه في الثقافة والشخصية. وفي الوقت نفسه، يقع الشاب في حب ابنتهما “ياسمين”، ويعيش معها قصة حبه الأولى. فهل سيكون شاطئ الحب هو الشاطئ الأخير الذي يسافر إليه ويجد مثواه الأخير؟
وهذا ملخص كتاب الشاطئ الاخر.
محمد جبريل: كاتب وروائي وصحفي مصري، ويعتبر من أبرز الروائيين المعاصرين. وأظهر في أعماله الأدبية كفاءة عالية في السرد والسرد القصصي، ولاقت أعماله استحسانا كبيرا لدى الكتاب والنقاد والقراء في مصر وخارجها.
ولد عام 1938م بمحافظة الإسكندرية. عمل في البداية بالصحافة، حيث بدأت مسيرته التحريرية في القسم الأدبي بجريدة الجمهورية عام 1960م، ثم انتقل إلى جريدة المساء، ثم أصبح رئيس تحرير جريدة الإصلاح الاجتماعي. المجلة التي كانت تصدر شهريا. كما تم تعيينه خبيراً في المركز العربي للدراسات الإعلامية للسكان والتنمية والتعمير عام 1974م، وعين رئيساً لتحرير صحيفة “الوطن” العمانية عام 1976م، بالإضافة إلى عمله عضوية اتحاد الكتاب المصريين، ورابطة الكتاب، ونادي القصة، ونقابة الصحفيين المصريين، واتحاد الصحفيين العرب.
وإلى جانب عمله الصحفي الذي تميز به، كان شغوفًا أيضًا بالعمل الأدبي. ألف عشرات المجموعات القصصية والروايات التي تميزت بطابعها التاريخي والسرد والتراثي، وتُرجم بعضها إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والماليزية. شارك بفعالية في عدد من الندوات والمؤتمرات والمهرجانات الثقافية، داخل مصر وخارجها، وحصلت بعض أعماله على شهادات مرموقة وجوائز تقدير، كما حصل على جائزة الدولة. تشجيع في الآداب عام 1975م، ونال وسام العلوم والفنون والآداب من الدرجة الأولى عام 1976م. كما حصل على جائزة الدولة التقديرية لعام 2020.
الشاطئ الآخر
…
قال أخي: أريد أن تترك الشقة!
كان قد مضى على وفاة أبي يومان. وكنت جالسًا أقرأ في الشُّرفة المطلَّة على شارع الميدان، ومهمومًا بالتوقُّعات. وكانت ظلال الغروب تنسحب من الجدران، وزحام الشارع يهدأ، والباعة يلمُّون بضاعتهم.
طويتُ الجريدة في يدي. كنت أقرأ تفصيلات مانشيت الصفحة الأولى: استقالة محمد نجيب من وظائفه، وتعيين جمال عبد الناصر رئيسًا للوزراء.
– لماذا؟
علا صوته لتناهي الأذان من مسجد الشوربجي: أعدُّ للزواج فيها.
– وأين أذهب؟
قال في هدوء حاسم: هذه مسئوليتك!
ومضتْ أيام العزاء الثلاثة. ورافقنا أعمامي وأخوالي إلى مقابر العامود، يوم الخميس الأول بعد وفاة أبي. وفي ليلة الأربعين، كوَّمنا الأثاث في الحجرة المطلَّة على سيدي الشوربجي، ورصصْنا الكراسي في الحجرتَين الأخريَين، وفي الصالة، واستقبلْنا المعزِّين.
كان طارق يكبُرني بخمسة أعوام.
حين اعترض أبي على رغبته في الالْتحاق بالكلية الحربية؛ قال: لا واسطة لنا … وتخرُّجي في الكلية الحربية يضمن الوظيفة.
قال أبي: ما دامت هذه رغبتك … لماذا لا تتقدَّم إلى الكلية البحرية؟
قال في هدوئه الحاسم: قبلوا أوراقي في الكلية الحربية … وانتهى الأمر!
اعتَدْنا غيابه، حتى نهاية كلِّ أسبوع. يقضى بيننا جزءًا من الخميس، وجزءًا من الجمعة. ثم يعدُّ حقيبته للعودة إلى القاهرة. أراه قادمًا من ناحية المنشية أو متَّجهًا إليها، بقامته الطويلة النحيلة، ورأسه الذي تشي مقدِّمته ببوادر صلع. لا يتلفَّت، ويهمل إلقاء السلام حتى على أصحاب الدكاكين القريبة، والجالسين في القهوة. أحاط نفسه بشرنقةٍ غير مرئية، عزلتْه عن كلِّ أحد. وربما أدخلتْ له أمي طعامَه في حُجرته؛ فلا يشاركنا المائدة.
…
هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا