كتب المؤلف احمد بن محمد المقري

تاريخ الميلاد: 09/19/986

تعريف بالمؤلف ” : مقدمة المحقق ولد أحمد بن محمد بن أحمد المقري القرشي المكني بأبي العباس والملقب بشهاب الدين سنة 986 بمدينة تلمسان ، وأصل أسرته من قرية مقرة – بفتح الميم وتشديد القاف المفتوحة – وقد بين حال هذه الأسرة وشئونها عندما تحدث عن جده الأعلى أحمد المقري حديثاً ضافياً ( في المجلد الخامس من النفح ) . أما عن صلة الأسرة بتلمسان وصلته هو بها فقد قال في المجلد السابع) : وبها ولدت أنا وأبي وجدي وجد جدي ، وقرأت بها ونشأت إلى أن ارتحلت عنها في زمن الشبيبة إلى مدينة فاس سنة ۱۰۰۹ ثم رجعت إليها آخر عام ١٠١٠ ثم عاودت الرجوع إلى فاس سنة ۱۰۱۳ إلى أن ارتحلت عنها للمشرق أواخر رمضان سنة ١٠٢٧ . . . » إذن فإن أبا العباس المقري نشأ بتلمسان وطلب العلم فيها … وكان من أهم شيوخه التلمسانيين عمه الشيخ سعيد المقري ، ولما فارقها إلى فاس كان في حدود الرابعة والعشرين من عمره ، وفي فاس مضى يطلب العلم على شيوخها ، إلى أن حل فيها الفقيه إبراهيم بن محمد الآيسي أحد قواد السلطان أحمد المنصور الذهبي ، فأعجب بالمقري الشاب واصطحبه معه إلى مراكش وقدمه إلى السلطان ، وهناك التقى بابن القاضي وبأحمد بابا التنبكتي صاحب نيل الابتهاج وبغيرهما من علماء مراكش وأدبائها وكانت هذه الرحلة مادة كتابه ( روضة الآس ) الذي أخذ في كتابته حين عودته إلى فاس ومنها إلى بلده تلمسان ، ليقدمه إلى السلطان المنصور ، ولكن السلطان توفي ( سنة (۱۰۱۲) والمقري ما يزال في بلده . ومع ذلك فإن الهجرة من تلمسان كانت قد ملكت عليه تفكيره فلم يلبث أن غادر مسقط رأسه نهائياً إلى فاس (۱۰۱۳) وأقام فيها حوالي خمسة عشر عاماً ؛ يقول في النفح : ( وارتحلت منها إلى فاس حيث ملك الأشراف ممتد الرواق فشغلت بأمور الإمامة والفتوى والخطابة وغيرها » . والحق أن المقري أصبح في هذه الفترة من صدور العلماء المرموقين ، ولكن اضطراب الأحوال في المغرب بعد وفاة المنصور الذهبي وصراع أبنائه على الحكم ، وتعرض مدينة فاس نفسها لأعمال المد والجزر في تلك الظروف المتقلبة ” ، كل ذلك لم يكن يكفل للقاطنين فيها شيئاً من الهدوء ؛ ولم تكن بلاد المغرب حينئذ فريسة للأطماع الداخلية وحسب ، بل تعرضت لغزوات الإسبان والبرتغاليين ، وفي سنة ١٠١٦ كان المقري يشهد – عن كثب – انقطاع آخر صلة للعرب ببلاد الأندلس حين تفرقت الجالية الأندلسية تطلب لها مأوى في سلا وتونس وغيرهما من البلاد المغربية ؛ وبعد ذلك بثلاث سنوات كان الإسبان ( الإصبنيول ) يستولون على مدينة العرائش في المغرب بمواطأة الشيخ المأمون أحد أبناء المنصور ؛ ولقي هذا العمل استنكاراً من الناس ، فلجأ الشيخ إلى الفقهاء ليفتوه في الأمر : لقد كان هو لاجئاً عند صاحب إسبانيا يطلب منه المعونة فوعده بها لقاء إعطائه العرائش .

وما سمح له بمغادرة بلاد إسبانيا إلا بعد أن قدم له أولاده رهينة حتى يفي بوعده … فهل من حقه أن يفدي أولاده بهذا الثغر أم لا ؟ وكان هذا السؤال امتحاناً عسيراً للمتذممين من المفتين، ولذلك هرب جماعة منهم واختفوا عن الأنظار . وكان المقتري واحداً من أولئك الذين لجأوا إلى الاختفاء غير أن هذه الحادثة لم تدفع بالمقري إلى مغادرة فاس ، بل بقي فيها عدة سنوات أخرى ، أحرز فيها منصب الإفتاء رسمياً بعد وفاة شيخه محمد الهواري (۱۰۲۲ ) ٢ . فهل ثمة من سبب مباشر دفعه إلى الرحلة عنها ؟ يقول الأستاذ محمد حجي متابعاً السيد الجنحاني : « وكان خروج المقري من فاس بسبب اتهامه بالميل إلى قبيلة شراكة ( شراقة ) في فسادها وبغيها أيام السلطان محمد الشيخ السعدي فارتحل إلى الشرق … إلخ ٣٠ ، ولكن المصادر لا تذكر شيئاً عن هذا السبب ، وكل ما قاله المقري نفسه « ثم ارتحلت بنية الحجاز ، وجعلت إلى الحقيقة المجاز ، ، بل إنه استأذن عبد الله بن شيخ نفسه في السفر ، فأذن له . غير أن إلصاق التهمة به ليس مستبعداً ، فقد كان المقري في فاس عالماً طارئاً عليها ، وكانت شراقة تلمسانية الموطن ، وكانت تنصر عبد الله بن شيخ ضد أهل فاس ، فلعل الحسد للمكانة التي بلغها المقري عند هذا السلطان خيلت لبعض سكان تلك المدينة أن المقري ضالع مع سلطانه ومع تلك القبيلة نفسها ضد الفاسيين ، وبغير ذلك – أو ما يشبهه – لا يمكن أن نفسر عدم عودة المقري إلى المغرب ، مع شدة حنينه إلى وطنه وقسوة ما لقيه في الترحال ، وخاصة ما لحقه من المضايقات أثناء وجوده في مصر 

وفي أواخر رمضان عام ۱۰۲۷ غادر مدينة فاس متوجهاً إلى المشرق فوصل
تطوان ( تطاون ) في ذي القعدة من ذلك العام ، ومن هناك ركب السفينة التي
عرجت به على تونس وسوسة حتى وصلت الإسكندرية ، ومنها إلى القاهرة
فالحجاز بحراً ، فوصل مكة في ذي القعدة من العام التالي وبقي فيها بعد العمرة
ينتظر موسم الحج ، ومنها توجه إلى المدينة لزيارة قبر الرسول (ص) ثم عاد إلى.
مصر ( محرم (۱۰۲۹) وفي شهر ربيع زار بيت المقدس وأخذ يتردد إلى مكة
والمدينة حتى كان في عام ۱۰۳۷ قد زار مكة خمس مرات والمدينة سبع مرات ،
وقد أوفى هذا الجانب تفصيلاً في كتابه ( نفح الطيب ، ١ ، قال : « وحصلت
لي بالمجاورة فيها [ مكة ] المسرات ، وأمليت فيها على قصد التبرك دروساً
عديدة ، والله يحيل أيام العمر بالعود إليها مديدة ، ووفدت على طيبة المعظمة
ميمماً مناهجها السديدة سبع مرار ، وأطفأت بالعود إليها ما بالأكباد الحرار ،
واستضأت بتلك الأنوار ، وألفت بحضرته صلى الله عليه وسلم بعض ما من الله
به علي في ذلك الجوار ، وأمليت الحديث النبوي بمرأى منه عليه الصلاة والسلام
ثم أبت إلى مصر مفوضاً لله جميع الأمور ، ملازماً خدمة العلم
و مسمع
الشريف بالأزهر المعمور ، وكان عودي من الحجة الخامسة بصفر سنة ١٠٣٧
للهجرة » ٢ .
وفي أوائل رجب من العام المذكور قصد إلى زيارة بيت المقدس ، فبلغه أواسط رجب وأقام فيه نحو خمسة وعشرين يوماً ، وألقى عدة دروس بالأقصى والصخرة ، وزار مقام الخليل إبراهيم ومزارات أخرى ؛ وفي منتصف شعبان عزم على التوجه إلى دمشق ، وهناك تلقاه المغاربة وأنزلوه في مكان لا يليق به ، فأرسل إليه الأديب أحمد بن شاهين مفتاح المدرسة الحقيقية ، فلما شاهدها  

أعجبته وتحول إليها ؛ وقد أسهب في ذكر حاله بدمشق وما تلقاه به أهلها من
حسن المعاملة ، ويكفي هنا أن ننقل بعض ما قاله المحبي : « وأملى صحيح
البخاري بالجامع تحت قبة النسر بعد صلاة الصبح ، ولما كثر الناس بعد أيام
خرج إلى صحن الجامع ، تجاه القبة المعروفة بالباعونية ، وحضره غالب أعيان
علماء دمشق ، وأما الطلبة فلم يتخلف منهم أحد ، وكان يوم ختمة حافلاً جداً ،
اجتمع فيه الألوف من الناس ، وعلت الأصوات بالبكاء ، فنقلت حلقة الدرس
إلى وسط الصحن ، إلى الباب الذي يوضع فيه العلم النبوي في الجمعيات من رجب
وشعبان ورمضان ، وأتي له بكرسي الوعظ فصعد عليه ، وتكلم بكلام في
العقائد والحديث لم يسمع نظيره أبداً ، وتكلّم على ترجمة البخاري … وكانت
الجلسة من طلوع الشمس إلى قريب الظهر … ونزل عن الكرسي فازدحم الناس
على تقبيل يده ، وكان ذلك نهار الأربعاء سابع عشري رمضان سنة ١٠٣٧ ، ولم
يتفق لغيره من العلماء الواردين إلى دمشق ما اتفق له من الحظوة وإقبال الناس ) ” .
وكانت إقامته بدمشق دون الأربعين يوماً ، وقد خرج جمهور كبير من علمائها
وأعيانها في وداعه ، عندما اعتزم العودة إلى مصر
وحدث تلميذ له كان يلازمه ويرافقه في تقلباته بدمشق وزياراته لمعالمها – وهو الشيخ مرز الشامي – قال : إنه ذهب معه ذات يوم لزيارة قبر الشيخ محيي الدين ابن العربي في خارج المدينة ، قال : وكان خروجنا بعد صلاة الصبح ، ووصلنا إلى المزارة عند طلوع الشمس ، فلما جلسنا عنده قال لي الشيخ المقري : «إني ابتدأت عند خروجنا إلى الزيارة ختمة من القرآن لروح هذا الشيخ وقد ختمتها
الآن ۲ – وهذا شيء مستغرب لقصر المدة التي تمت فيها الختمة . وفي شوال من العام نفسه كان بمدينة غزة ، فنزل فيها ضيفاً على الشيخ

وسلم وبارك ع

تحفظ المكتبة العربية للكتب كافة حقوق الملكية الفكرية للمؤلفين والناشرين وفي حالة وجود أي مخالفة لاي كتاب برجاء التواصل معنا