الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
أما بعد؛ فإنَّ «عطاءات العلم بيت خبرة في تطوير البرامج العلمية الشرعية ورعايتها، وتمكين العاملين فيها، وهي تسعى إلى الارتقاء بالجهات والبرامج العلمية الشرعية بطريقة منهجية، وصولاً لتحقيق مقاصد الشريعة، وترسيخ القيم
الإسلامية.
لقد نهضت عطاءات العلم منذ تأسيسها بعدة مشاريع نوعية وفق منهجية احترافية صممتها خصيصاً لصناعة المشاريع العلمية الشرعية، بين دراسات علمية محكمة، ونصوص تراثية محققة، وبرامج تطويرية متخصصة، وموسوعات علمية إلكترونية متميزة، وسلسلة إصدارات كوكبة من الأئمة الأعلام، وغيرها من المشاريع
والبرامج ذات الأثر العظيم والنفع العميم.
ويطيب لـ«عطاءات العلم أن تقدم لأهل العلم وطلابه والحريصين على
تراثه هذا الإصدار العلمي الجديد ضمن سلسلة إصدارات موسوعة صحيح البخاري»، وهو كتاب «الناظر الصحيح على الجامع الصحيح لموفّق الدين أحمد
ابن الحافظ سبط ابن العجمي.
وقد كثرت مصنفات أهل العلم حول صحيح البخاري، وتنوعت موضوعاتها على تنوع تخصصاتهم، فألفوا في شرحه، واختصاره، ووصل معلقاته، وبيان مناسبات تراجمه، والترجمة لرجاله ، وشرح أحاديثه وغريبه في سلسلة طويلة، ودوحة
كريمة من المؤلفات.
وأول من أفرد الكلام عليه نحوا وصرفًا الإمام جمال الدين محمد بن مالك الأندلسي (ت (٦٢٨) النحوي المشهور في كتابه شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح ، تناول فيه واحدًا وسبعين موضعا من الصحيح، إلى أن جاء موفق الدين أحمد بن الحافظ سبط ابن العجمي أحمد بن إبراهيم الحلبي (ت ٨٨٤) ، وكانت له عناية بالصحيح رواية ودراية، فأراد أن يجمع ما تفرق من ذلك في الكتب وبطون الشروح، ويتمم ويزيد بما تلقاه عن شيوخه شفاها أو فتح الله به عليه في كتابه الناظر الصحيح على الجامع الصحيح ، كما قال في مقدمته : وكنت قد قرأت الجامع الصحيح للإمام شيخ الإسلام البخاري قدس الله سره – غير ما مرَّة، وتطلبت إعرابا عليه، فرأيتُ أصمعي زمانه جمال الدين – ه – قد كتب على أماكن منه، ورأيتُ من انتقد عليه في أماكن فضممت هذا إلى هذا ، وزدت عليه أشياء من كلام الأئمة.
وها هو الكتاب يخرج محققا خدمة للعلم وأهله، والله نسأل أن يبارك فيه
وينفع به الأمة، ويجزل الأجر ويعظم المثوبة للشيخ سليمان بن عبد العزيز
الراجحي ومؤسسته الخيرية على الرعاية المباركة التي أثمرت هذا المشروع
ولدار الكمال المتحدة على قيامها بأعمال التحقيق والإخراج، ولفريق المراجعة
العلمية والإشراف الإداري بعطاءات العلم، كما نسأله تعالى أن يرزقنا قبول
الأعمال، وحسن العاقبة في العاجل والمآل ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد،
وعلى آله وصحبه أجمعين.