إن حقيقة أنها تعود تاريخياً إلى عصور الحضارة الإسلامية ليست هي الشيء الوحيد الذي يميز هذه الزخارف ويفسر مصطلح تسميتها بـ “الزخارف الإسلامية” بدلاً من الأسماء الأخرى. الزخرفة – مثل الفنون والأدب التي ازدهرت في ذلك الوقت – جاءت نتيجة بيئة مع فنانين ومعماريين ذوي خلفيات ثقافية خاصة ، وليس ومراجع عقائدية ، مجموعها – عندما يقترن بالأبعاد المكانية والزمانية – يصوغ تلك المعادلة التي يكشف حلها “سر الزخرفة الإسلامية”. يسلط بشر فارس في هذا الكتاب الضوء على أصول ودوافع العبقرية الزخرفية العربية ، موضحًا بالصور والآثار أن تحريم بعض المذاهب الإسلامية من تمثيل ذوات الأرواح أو الرسم أو النحت أو التصوير لم يحد من الطاقة الإبداعية التي جلبت أفضل الثمار ، وظهرت الأبنية والمنسوجات والأدوات على أنها وظهرت الزخارف الجميلة الناطقة بآيات الجمال. وهذا ملخص كتاب سر الزخرفة الاسلامية.
بشر فارس: كاتب ومسرحي وشاعر لبناني وباحث في التراث الإسلامي. يعتبر من طلائع الشعراء الرمزيين الذين مهدوا الطريق لحركة الحداثة في الشعر العربي.
ولد في لبنان عام 1907 م ، واسمه عند ولادته “إدوارد”. وهو الاسم الذي احتاجه حتى حصل على الدكتوراه من جامعة “السوربون” في باريس عام 1932 م ، وقيل إن “أحمد زكي باشا” هو الذي أطلق عليه لقب “بشر”. هاجر إلى مصر في بداية حياته ، وهناك تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي ، ثم ذهب إلى فرنسا لمتابعة تعليمه العالي.
بعد عودته إلى مصر تولى سكرتارية “الأكاديمية العلمية المصرية” ودرّس في جامعة القاهرة. كان ميسور الحال ، وهذا ساعده على تكريس نفسه للبحث والكتابة. نشر عدة أبحاث باللغتين العربية والفرنسية. ومنها: “الرجولة” ، و “الملامح المسيحية والإسلامية” ، و “سر الزخرفة الإسلامية” ، وغيرها. كما كتب مسرحيتين هما مفرق الطريق وجبهة الغيب ومجموعة قصصية سوء تفاهم وكتاب تحقيقات عربية.
بيان
سر الزخرفة الإسلامية
الذيل
مسرد عربي-فرنسي لاصطلاحات الفلسفة والفن
…
ي باب الزخرف طلَعت العبقرية العربية مطلعها إبَّان الإسلام، وآتت نضارتها، ومن الوهم أن يذهب أحد إلى أنها خفَّت لهذا الباب، وتشبثت به في إسراف؛ لأنها كانت تكره تمثيل الأشكال الحية، ذلك التمثيل الذي حرَّمه الرسول فيما يرويه أهل الورع من حَمَلَة السنة، فالتحريم الذي كان يَقصِد — أول ما يَقصِد — إلى صَدِّ الناس عن الرجعة لعبادة الأوثان، لم يستبدَّ بتوجيه الفن الإسلامي في العصور الأوائل. مصداق هذا طائفة من شهادات الأدباء والمؤرِّخين (اطلب كلام أبي علي الفارسي الذيل رقم ١) بجنب آثار قائمة لا يأخذها العَدُّ (في الألواح بعض النماذج).
وقد بات التحريم في البلدان العربية محدود التأثير بالجملة، إلى أن عنفت ببهجة الفن هبَّة من هَبَّات المتشددين في مصر وفي الشام خاصة، حول المائة السابعة للهجرة. وواطأ ذلك العنف أن فَتكَت سنابك التتار الآثمة برياض الفن يوم دمَّروا بغداد، فأذاقوا الحضارة بَلِيَّة ما دخل الإسلام قطُّ في مثلِها. ثم ما كاد يفلت من حرج التحريم سوى فارس؛ إذ ظلَّت بنجوة من النير الطوراني الغشوم، فمضت تنعم برياض الفن الطليق، حتى إن أكثر المولعين بالطُّرَف لهذا العهد يتوهَّمون أن كل أثر إسلامي — وإن تقادم — إذا اتفق له أن يتخطَّى براعة التخطيط ليترجم أشكال الإنسان والحيوان، فإنما هو سليل المذهب الإيراني.
…
هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا