كتاب “الأمة والإمامة” للكاتب والمفكر الإيراني علي شريعتي يتناول أحد الموضوعات الأكثر أهمية في الفكر السياسي الإسلامي، وهو العلاقة بين الأمة (الشعب) والإمامة (القيادة الدينية والسياسية). يقدم شريعتي في هذا الكتاب رؤية تحليلية للدور الذي تلعبه الإمامة في حياة الأمة الإسلامية، مستندًا إلى الفكر الشيعي لكنه ينفتح على قضايا أوسع تتعلق بالقيادة والعدالة الاجتماعية.

المحاور الأساسية في الكتاب:

1. مفهوم الأمة والإمامة: يشرح شريعتي أن مفهوم “الأمة” يشير إلى المجتمع الإسلامي ككل، بينما “الإمامة” تمثل القيادة الدينية والسياسية التي تضطلع بمسؤولية توجيه الأمة نحو تحقيق أهدافها الكبرى. الإمامة، في نظر شريعتي، ليست مجرد زعامة دينية، بل هي القيادة التي تحقق العدالة، الحرية، والكرامة للأمة، وتمنعها من الانحراف.
2. الإمامة كضرورة اجتماعية وسياسية: يوضح شريعتي أن الإمامة، من منظور الفكر الإسلامي، ليست فقط مسألة روحية أو دينية، بل هي ضرورة اجتماعية وسياسية. القيادة التي يمثلها الإمام هي التي تحمي المجتمع من الظلم والاستبداد، وتقود الأمة نحو تحقيق مشروعها الحضاري. يعتبر شريعتي أن الإمامة هي الضمانة لبقاء الأمة حرة ومستقلة، متجاوزة حالات الانحطاط التي قد تصيبها.
3. الفرق بين الإمامة والخلافة: يناقش شريعتي الفرق بين مفهوم الإمامة في الفكر الشيعي ومفهوم الخلافة في الفكر السني. يرى أن الإمامة ليست مجرد خلافة سياسية، بل هي قيادة روحية ومعنوية تحمل رسالة الأنبياء وتعمل على تحقيق العدالة الإلهية. بينما الخلافة تحولت في بعض الأحيان إلى سلطة سياسية مجردة تهدف إلى السيطرة وليس إلى تحقيق القيم الروحية والاجتماعية.
4. دور الإمام في المجتمع: يرى شريعتي أن الإمام ليس مجرد قائد سياسي، بل هو رمز لتحقيق العدالة الإلهية في الأرض. الإمام يمثل القدوة والمثال الذي يجب أن يتبعه المجتمع لتحقيق التقدم الاجتماعي والسياسي. دوره يتجاوز إدارة الشؤون الدنيوية ليشمل توجيه الأمة نحو الحياة الروحية الصحيحة، ويعمل على ترسيخ قيم الحق والعدالة في المجتمع.
5. القيادة الجماعية والشورى: رغم تركيزه على أهمية الإمامة، يشير شريعتي إلى أن القيادة في الإسلام ليست استبدادية. هناك أهمية كبيرة للشورى وللعمل الجماعي داخل المجتمع الإسلامي. الشورى تعكس مشاركة الأمة في القرار السياسي والاجتماعي، بينما تبقى الإمامة المرجع الأساسي الذي يوجه هذه العملية نحو تحقيق الأهداف الكبرى.
6. الإمامة كحركة ثورية: يقدم شريعتي الإمامة كمفهوم ثوري في الإسلام، حيث يرى أن الأئمة قاموا دائمًا بالدفاع عن العدالة وحقوق المظلومين ضد الأنظمة الاستبدادية. الإمامة، كما يشرحها، ليست فقط قيادة دينية، بل هي حركة تغيير اجتماعي وسياسي تهدف إلى تحرير الأمة من الاستبداد والظلم وتحقيق مجتمع تسوده العدالة والمساواة.

الخلاصة:

كتاب “الأمة والإمامة” لعلي شريعتي يقدم رؤية متعمقة للعلاقة بين الأمة الإسلامية وقيادتها المتمثلة في الإمامة. شريعتي يعرض الإمامة كقوة ثورية دينية وسياسية تهدف إلى تحقيق العدالة والحرية للمجتمع الإسلامي. الإمامة ليست مجرد سلطة دينية، بل هي القيادة التي تحقق أهداف الأمة وتعمل على تحريرها من الظلم والانحراف. الكتاب يمثل دعوة للتفكير في أهمية القيادة العادلة والمسؤولة في تحقيق نهضة المجتمعات الإسلامية.