هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا
أقدمه لإخواني المسلمين ، الذينهم – اليوم – أحوج مايكونون إليه . لما طفا على العالم من موجات الفتن ، التي قوضت أو كادت أن تقوض كل دعامة من دعائم الإصلاح والخير، وهناءة العيش . حتى عادت الحياة كلها ، أوجلها ، نكدا ، نتيجة حرمان القلوب من الصلة الوثيقة ببارئها وفاطرها الرحمن الرحيم . وارتباطها أشـــــــد الارتباط وأوثقه بحبائل عدوها الشيطان الرجيم . . الذي مازال يُجلب عليها بخيله ورجله ، ويغزوها دائبا بكل سلاحه وحزبه، حتى ظفر بها والتقمها في خرطومه فنفث فيها من كيده و سمومه . وخبائثه وشروره ماشاءت له عداوته وحسده و بغيه ومقته لبنى آدم . وتمكن منهم تمكنا ظنوا معه أنهم بمنجاة من عدوهم وعلى صلة وثيقة بربهم . وما ذلك إلا لأنهم التبس عليهم الحق بالباطل ، والعلم بالجهل ، والنور بالظلمة . والحبيب بالعدو . لشدة ما أوغل فيهم عدوهم الشيطان بأسباب عدوانه من إطفاء نور الهداية القرآنية من قلوبهم ، وحرمانها من غذائها النافع ، ودوائها الناجع الذي أحبه الله ورسوله لها . والذي اختاره لها أرحم الراحمين ، فهو الشفاء والغذاء لاسواه . ولَشَدَّ ما بلغ منهم عدوهم الشيطان في ملء قلوبهم بسمومه وأدوائه ، وصبها عليها صبا في أوانى من القول المزخرف ، وقوالب من الألفاظ الخادعة وتسمية الأشياء بغير أسمائها ، أسماء ما أنزل الله بها من سلطان ولقد استحكمت الأهواء والفتن والجهالات التي زينت الباطل أخدع الزينة ، وشوهت الحق أقبح تشويه ، و بلغ من استحكامها أن سموا الشرك توحيدا ، والكفر إيمانا ، وتعطيل صفات الله وأسمائه الحسنى عن حقائقها التي أنزلها الله لها تنزيها . وامتد حبل هذه الأهواء والفتن ، حتى صاد الشيطان كل القلوب بها ، إلا من شاء الله من أقل القليل وأندر النادر . الذين ليس له عليهم سلطان من عباد الله المخلصين . والأمر لله وحده ولا حول ولا قوة إلا بالله فيا أيها الراجي لسعادة نفسه في دنياه وآخرته ، الراغب في النجاة من أهوال يوم الفصل، الحريص على أن تكون مع خير رفقة ، تحت لواء سيد المهتدين ، و إمام المتقين ، وخاتم المرسلين صلى الله تعالى عليه وآله وسلم . اعلم ، ثم اعلم، أنه لاسبيل لك إلى ذلك إلا بالعود إلى ما كان عليه الرعيل الأول : علما ، وعملا ، واعتقادا ، وخلقا وحالا . فبادر إلى ذلك ثم بادر . والموردالذي ورده بين يديك حاضر ، ألا وهو الكتاب الكريم والسنة النبوية النقية فقط . وهذا كتاب (إغاثة اللهفان) خير ما يعينك على ذلك، وأقرب ما يوصلك إلى بغيتك ، ويجلو لك من أنوار الهداية المحمدية . ويكشف لك عن مداخل عدوك الشيطان ويضع بيدك حبائله التي صاد بها حزبه الخاسرين ، والسكين الحادة التي تقطع بها عن قلبك تلك الحبائل ، وتفك نفسك من قيودها ، فتعود طليقا في بحبوحة السنة المحمدية ، سليم القلب قوى اليقين والإيمان بخالقك وبارئك والمنعم عليك ، عظيم الحب لمن كانت نجاتك على يديه وهو سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . والذين نور الله بصيرتهم بنور الحق ، وهداهم بهداية العدل والانصاف ، وفضلهم بفضيلة حب الإسلام والذابين عنه حباً صادقاً . يعرفون نعمة الله عليهم في كل من قام الله ولرسوله مقام صدق . يجاهد في سبيل الله ، ويدفع عن الدين أعداء الله . ويضع بعلمه و بصيرته وإخلاصه الحق في نصابه . وأصدق من قام بذلك في القرن السابع والثامن : شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم . فانهما الإمامان اللذان رفعا راية الإيمان في عصرها و بعد عصرها ، وجاهدا في الله حق جهاده صابرين محتسبين ، لم تأخذها في الله لومة لائم، ولا و هنت قوتهما لبطش الجبارين المدافعين عن البدع والخرافات الشيطانية ولم يكسر قلميهما . ولا أسكت لسانيهما ، كل ما جمع حزب الشيطان لهما من قوى وما سلط عليهما من ألوان الفتن ، وصنوف الأذى ، اقتداء منهما بسيد أولى العزم ، وصحبه خير المجاهدين وسادات الصابرين . وما ضرهما، وأن يضرهما، أن يجهل كثير من العوام وأشباه العوام فضلهما ، وجهادهما . وما ضرهما ولن يضرهما عداوة حزب الشيطان لهما ولمن سلك سبيلهما ، وجاهد جهادهما وصبر صبرهما . وما ضر سيد الأنبياء محمداً صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وإخوانه من قبله ، وأتباعه من بعده عداوة اليهود والنصارى ، وكل كافر من أعداء الله ، وما يضر الشمس والقمر عمى الأبصار عن رؤيتهما والانتفاع بضوئها ( وَلَقَدْ كُذَّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذَّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَا المُرْسَلِينَ ) ولا يزال في الأمة المحمدية طائفة قائمة بالحق لا يضرها من خالفها ولا من خذلهـا حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك . وتلك الطائفة هي التي تستضيء بمشكاتهما وتقدرهما قدرهما . وتعرف لهما فضلهما ونعمة الله بهما، فتشكرها باحياء آثارها ، و آثار من سبقهما من هداة السلف الصالح . وأئمة الدين الحق . وهم بحمد الله في هذه الأمة كثير وكثير . وهذا كتاب ( إغاثة اللهفان ) خير ما ألف ابن القيم .
قال العلامة الحافظ عبد الرحمن بن رجب الحنبلى فى ختام كتابه طبقات الحنابلة الموجود بدر الكتب المصرية ، قال رحمه الله : محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعى ، ثم الدمشقى الفقيه ، الأصولي المفسر النحوى العارف ، شمس الدين أبو عبد الله بن قيم الجوزية ، شيخنا . ولد سنة ٦٩١ وسمع من الشهاب النابلسى العابد ، والقاضى تقي الدين سليمان ، وفاطمة بنت جوهر ، وعيسى المطعم ، وأبي بكر بن عبد الدائم وجماعة ، وتفقه في المذهب وبرع وأفتى ، ولازم الشيخ تقي الدين وأخذ ع عنه ، وتفنن في علوم الإسلام ، وكان عارفاً بالتفسير لإيجارى فيه ، وبأصول الدين ، وإليه فيهما المنتهى ، وبالحديث ومعانيه وفقهه ، ودقائق الاستنباط منه لا يلحق في ذلك ، وبالفقه وأصوله وبالعربية ، وله فيها اليد الطولى ، وبعلم الكلام وغير ذلك ، وعالما بعلم السلوك وكلام أهل التصوف وإشاراتهم ودقائقهم ، له في كل من هذه الفنون اليد الطولى . قال الذهبي في المختصر : عنى بالحديث ومتونه ورجاله . وكان يشتغل في الفقه ويجيد تقريره ، وفي النحو ويدريه ، وفى الأصلين ، قد حبس مدة لإنكاره شد الرحال إلى قبر الخليل ، وتصدر للاشتغال ونشر العلم . قلت : وكان رحمه الله ذا عبادة وتهجد وطول صلاة إلى الغاية القصوى ، وتأله ولهج بالذكر، وشغف بالمحبة والإنابة والافتقار إلى الله تعالى، والانكسار والانطراح بين يديه على عتبة عبوديته لم أشاهد مثله في ذلك ولا رأيت أوسع منه علماً ، ولا أعرف بمعاني القرآن والسنة وحقائق الايمان منه ، وليس هو بالمعصوم . ولكن لم أر في معناه مثله وقد امتحن وأوذى مرات، وحبس مع الشيخ تقي الدين بن تيمية في المدة الأخيرة بالقلمة منفرداً عنه ، ولم يفرج عنه إلا بعد موت الشيخ . . وكان فى مدة حبسه . ، مشتغلاً بتلاوة القرآن بالتدبر والتفكر. فتح الله عليه من ذلك خيراً كثيراً، وحصل له جانب عظيم من الأذواق والمواجيد الصحيحة ، وتسلط بسبب ذلك على الكلام فى علوم أهل المعارف والدخول في غوامضهم ، وتصانيفه ممتلئة بذلك ، وحج مرات كثيرة، وجاور بمكة ، وكان أهل مكة يذكرون عنه من شدة العبادة وكثرة الطواف أمراً يتعجب منه ، ولازمت مجالسه قبل موته أزيد من سنة ، وسمعت عليه قصيدته النونية الطويلة فى السنة ، وأشياء من تصانيفه وغيرها . وأخذ عنه العلم خلق كثير في حياة شيخه و إلى أن مات ، وانتفعوا به ، وكان الفضلاء يعظمونه ويسلمون له ، كابن عبد الهادى وغيره : وقال القاضى برهان الدين الزرعى عنه : ما تحت أديم السماء أوسع علماً منه . ودرس بالصدرية. وأم بالجوزية مدة طويلة ، وكتب بخطه مالا يوصف كثرة، وصنف تصانيف كثيرة جداً في أنواع العلم ، وكان شديد المحبة للعلم وكتابته ومطالعته وتصنيفه واقتناء كتبه ، واقتنى من الكتب ما لا يحصل لغيره . فمن تصانيفه : – اجتماع الجيوش الاسلامية . طبع فى الهند سنة ١٣٠٤ وفي مصر سنة ١٣٥٠ ۲ – أخبار النساء . طبع قديما – إعلام الموقعين عن رب العالمين طبع في الهند سنة ١٣١٣ وفي مصر سنة ١٣٢٥ إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان طبع في المنار سنة ١٣٢٢ إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان طبع المرة الأولى سنة ١٣٢٠ – أمثال القرآن – بدائع الفوائد . طبع بالمنيريه بطلان الكيميا من أربعين وجها – بيان الدليل على استغناء المسابقة عن التحليل ١٠ – التبيان في أقسام القرآن طبع بمكة سنة ۱۳۲۱ . و بمصر سنة ١٣٥٢ بالمطبعة التجارية ١١ – التحرير فيما يحل ويحرم من الحرير ١٢ – التحفة المكية ١٣ – تحفة الودود في أحكام المولود طبع في الهند سنة ١٣٣٩ . ١٤ – تفسير الفاتحة ١٥ – تفسير المعوذتين . طبع مع بدائع الفوائد ١٩ – تفضيل مكة على المدينة تهذيب مختصر سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته ، والكلام على مافيه ، وهو عندى مخطوط عن نسخة بالمدينة المنورة . أعان الله على طبعه
يمكنك أيضا تحميل كتب عربي أخرى من المكتبة العربية للكتب مثل:
هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا