كتاب بناء الذات الثورية لعلي شريعتي هو دراسة فلسفية واجتماعية تركز على كيفية بناء الشخصية الثورية من منظور إسلامي. يقدم شريعتي رؤية عميقة حول ما يعنيه أن يكون الإنسان ثوريًا، ليس فقط من خلال المقاومة السياسية، بل أيضًا من خلال إصلاح الذات والمجتمع. الكتاب يجمع بين الجوانب الفكرية والنفسية، ويهدف إلى إلهام الفرد لكي يصبح عنصرًا فعّالًا في التغيير الاجتماعي.

محتوى الكتاب:

1. تعريف الثورة: يبدأ شريعتي بتعريف مفهوم الثورة، موضحًا أنها ليست مجرد حركة سياسية تهدف إلى تغيير الأنظمة الحاكمة، بل هي تغيير شامل يبدأ من الداخل، من الذات. يعتبر شريعتي أن الثورة الحقيقية هي التي تبدأ بتحرير الفرد من القيود الداخلية، مثل الجهل، والاستسلام، واللامبالاة.
2. بناء الذات: يركز شريعتي على أهمية بناء الذات كخطوة أولى نحو تحقيق الثورة. يوضح أن الفرد يجب أن يعمل على تطوير وعيه وفهمه العميق للعالم من حوله. يشير إلى أن الثورة ليست مجرد احتجاجات وأعمال عنف، بل هي عملية وعي ذاتي وفهم لمعنى الحرية والعدالة. الفرد الثوري هو الذي يسعى لتحرير نفسه من العادات السيئة والتفكير السلبي.
3. أهمية الوعي: يشدد شريعتي على أن الوعي هو العنصر الأساسي في بناء الشخصية الثورية. يشرح أن الوعي يتطلب معرفة حقيقية بالظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المحيطة، وفهمًا لتاريخ الظلم والاستبداد. الوعي بالنسبة لشريعتي ليس فقط معرفة عقلية، بل هو حالة شعورية ونفسية تجعل الفرد مستعدًا للعمل من أجل التغيير.
4. الدين والثورة: يناقش شريعتي العلاقة بين الدين والثورة، ويؤكد أن الإسلام دين ثوري في جوهره. الإسلام، وفقًا لشريعتي، يدعو إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الظلم والطغيان. يشير إلى أن العديد من الحركات الثورية الإسلامية كانت تهدف إلى تحقيق هذه القيم. لكن الإسلام لا يدعو إلى العنف من أجل التغيير، بل يركز على العدالة كهدف نهائي.
5. القيم الثورية: يتحدث شريعتي عن القيم التي يجب أن يتبناها الشخص الثوري، مثل الصدق، والشجاعة، والتضحية. يرى أن القيم الروحية والأخلاقية هي الأساس الذي يجب أن يقوم عليه كل ثائر. الثورة ليست مجرد مقاومة للطغيان، بل هي أيضًا بناء مجتمع أخلاقي يقوم على المساواة والعدالة.
6. دور الفرد في المجتمع: يؤكد شريعتي على أهمية دور الفرد في إحداث التغيير. كل فرد يمكن أن يكون عنصرًا في الثورة من خلال تحسين ذاته والمساهمة في إصلاح مجتمعه. يشير إلى أن التغيير الكبير يبدأ من الأفعال الصغيرة التي يقوم بها الأفراد في حياتهم اليومية، سواء في العمل، أو الدراسة، أو العلاقات الاجتماعية.
7. النضال ضد الاستبداد: يُبرز شريعتي ضرورة الوقوف ضد الاستبداد بكل أشكاله، سواء كان سياسيًا، اجتماعيًا، أو فكريًا. يشير إلى أن المستبد لا يكون دائمًا في السلطة السياسية، بل قد يكون في الأفكار السائدة أو التقاليد الاجتماعية التي تقيد حرية الإنسان.
8. الثورة الداخلية: يشير شريعتي إلى أن الثورة الحقيقية تبدأ من الداخل، من تغيير الذات. يدعو إلى تحرير العقل من الخرافات والتقاليد البالية التي تعيق التقدم. يرى أن الثورة الداخلية ضرورية لتحقيق الثورة الخارجية؛ فلا يمكن للفرد أن يغير مجتمعه ما لم يبدأ بتغيير نفسه أولاً.

الأسلوب الأدبي:

يتميز أسلوب شريعتي في بناء الذات الثورية بالعمق الفلسفي والوضوح في تقديم الأفكار. يستخدم شريعتي لغة قوية ومحفزة تدفع القارئ للتفكير في دوره في المجتمع والعمل على تحقيق التغيير. النص يجمع بين الفكر الإسلامي والتراث الثوري الحديث، مما يجعله ملهمًا لمن يسعى للتغيير الشخصي والاجتماعي.

القضايا المحورية:

• بناء الوعي الذاتي: تطوير الوعي كشرط أساسي للثورة.
• التحرر الداخلي: الثورة تبدأ من داخل الفرد قبل أن تمتد إلى المجتمع.
• القيم الأخلاقية والثورية: أهمية الالتزام بالقيم الإسلامية لتحقيق ثورة حقيقية.
• الدور الفردي: الفرد مسؤول عن إحداث التغيير في المجتمع.

الخلاصة:

بناء الذات الثورية لعلي شريعتي هو دعوة إلى الثورة من الداخل قبل الخارج، من خلال الوعي الذاتي، وتحرير الفرد من القيود النفسية والاجتماعية. يقدم الكتاب رؤية شاملة عن كيفية تطوير الذات لتكون قادرة على إحداث تغيير إيجابي في المجتمع. شريعتي يُظهر أن الثورة الحقيقية ليست فقط ضد الطغاة، بل ضد كل ما يقيد الإنسان ويمنعه من تحقيق الحرية والعدالة.