كتاب معرفة الإسلام لعلي شريعتي هو من الأعمال التي تسعى إلى تقديم فهم عميق ومتكامل للإسلام، مُركّزًا على الأبعاد الفلسفية، الاجتماعية، والتاريخية للدين الإسلامي. يهدف شريعتي من خلال هذا الكتاب إلى تجديد النظر في الإسلام وإعادة تفسيره بطريقة تجعله أكثر ارتباطًا بالإنسان المعاصر، بحيث يكون دينًا حيويًا يدفع نحو التقدم الاجتماعي والتغيير الإيجابي.

محتوى الكتاب:

1. الإسلام كرسالة شاملة: يؤكد شريعتي أن الإسلام ليس مجرد دين بالمعنى التقليدي، بل هو نظام شامل للحياة. يقدم الإسلام رؤية متكاملة للعالم تقوم على أسس العدالة، والحرية، والمساواة. يوضح أن الإسلام يهدف إلى تحرير الإنسان من كافة أنواع القيود سواء كانت اجتماعية أو سياسية، ويشدد على أن الدين الإسلامي جاء ليعيد بناء المجتمع على أسس عادلة.
2. الإسلام بين المعرفة والطقوس: يناقش شريعتي الفرق بين الإسلام كمعرفة والإسلام كطقوس. يرى أن الكثير من المسلمين اختزلوا الإسلام في الطقوس والممارسات الظاهرية، مثل الصلاة والصوم، دون التعمق في جوهر الدين وأهدافه الكبرى. الإسلام، في نظر شريعتي، ليس مجرد مجموعة من الشعائر، بل هو طريق معرفي يساعد الإنسان على فهم العالم والعمل على تحسينه.
3. النبي محمد كنموذج: يشير شريعتي إلى شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم باعتباره النموذج الأسمى للإنسان الكامل. يقدم النبي محمد كمثال على القيادة، والإصلاح الاجتماعي، والوقوف في وجه الظلم والطغيان. يرى شريعتي أن حياة النبي تمثل ترجمة حية لقيم الإسلام الحقيقية، وأن المسلمين يجب أن يستلهموا منهج حياته في سعيهم لبناء مجتمعات عادلة.
4. الإسلام والتحرر: يُبرز شريعتي أن الإسلام يحمل في طياته رسالة تحررية تهدف إلى تحرير الإنسان من القهر والاستغلال. الإسلام في جوهره هو دين العدالة الاجتماعية، وقد جاء لإلغاء كافة أشكال الظلم والطغيان، سواء كان ذلك في شكل استبداد سياسي أو استغلال اقتصادي. يرى شريعتي أن الإسلام يُحفز على مقاومة الظلم والنضال من أجل حقوق الإنسان.
5. الإسلام والمعرفة العلمية: يدعو شريعتي إلى ضرورة التوفيق بين الإسلام والمعرفة العلمية، موضحًا أن الإسلام لا يتعارض مع العلم بل يشجعه. يعتبر أن العقلانية والمعرفة العلمية جزءان أساسيان من رسالة الإسلام، وأن الدين والعلم يمكن أن يتكاملا لتحقيق تقدم الإنسان والمجتمع.
6. النظرة العالمية للإسلام: يتناول شريعتي الإسلام كنظام عالمي، قادر على تلبية احتياجات الإنسان في كافة أنحاء العالم. الإسلام ليس حكرًا على ثقافة أو منطقة جغرافية معينة، بل هو دين عالمي جاء ليُصلح أحوال البشر كافة. يؤكد شريعتي أن رسالة الإسلام تصلح لكل زمان ومكان، لأنها تهدف إلى تحقيق العدالة والمساواة بين جميع الناس.
7. الإسلام والمجتمع: يُبرز شريعتي دور الإسلام في بناء مجتمع متوازن وصحي. الإسلام يدعو إلى التعاون بين الأفراد وتحقيق التكافل الاجتماعي، حيث يتم تقاسم الثروات والموارد بشكل عادل. يشدد على أن الإسلام يُحمّل كل فرد في المجتمع مسؤولية كبيرة تجاه الآخرين، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي.

القضايا المحورية:

• الدين والمعرفة: الإسلام ليس مجرد طقوس، بل هو نظام معرفي يتطلب التفكر والتدبر.
• الإسلام كدين تحرري: يهدف إلى تحرير الإنسان من كافة أشكال الظلم والاستغلال.
• العقل والعلم في الإسلام: الإسلام يشجع على العلم والمعرفة كأساس لبناء الحضارة.

الأسلوب الأدبي:

يتميز أسلوب شريعتي في معرفة الإسلام بالجمع بين الفلسفة والدين والتاريخ، ويعتمد على التحليل النقدي العميق للنصوص الدينية والتجارب التاريخية. الأسلوب جدلي في بعض الأحيان، حيث يسعى الكاتب إلى تحفيز القارئ على التفكير النقدي وتجاوز الفهم التقليدي للدين.

الخلاصة:

معرفة الإسلام هو دعوة لتجديد الفهم الديني والعودة إلى جوهر الإسلام كرسالة شاملة تسعى إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والحرية الفكرية. علي شريعتي يُقدم الإسلام كدين تحرري وعقلاني يهدف إلى تحرير الإنسان والمجتمع من القيود المادية والروحية. الكتاب يُعد من الأعمال الهامة التي تحث على التفكير العميق في دور الدين في العصر الحديث، ويدعو إلى التوفيق بين التعاليم الدينية والمعرفة العلمية لتحقيق التقدم والنهضة.