هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا
عبد الرحمن منيف هو واحد من أبرز الروائيين العرب الذين تناولوا في أعمالهم تحولات المجتمع العربي وقضاياه السياسية والاجتماعية. في روايته عروة الزمان الباهي، يغوص منيف في أعماق الحياة الشخصية لمجتمع عاش على هامش التغيرات الكبرى التي شهدتها المنطقة، حيث يعكس الصراع بين الماضي والحاضر، والبحث عن الهوية وسط عالم متغير.
عروة الزمان الباهي تعد واحدة من الروايات الأقل شهرة لعبد الرحمن منيف، لكنها تحمل في طياتها أبعادًا فلسفية واجتماعية عميقة. تمثل الرواية حكاية شخصية تعيش في عالم يمزج بين الحنين إلى الماضي والاضطرار إلى مواجهة تحديات الحاضر. عبر عروة، الشخصية الرئيسية في الرواية، يعبر منيف عن القضايا الوجودية المتعلقة بالتغير والتحول في مجرى الحياة.
عروة الزمان الباهي تتناول موضوع الحنين كموضوع رئيسي. يعيش عروة حياته على إيقاع ذكريات الماضي، حيث يستعيد لحظات الفرح والسعادة التي عاشها في فترة زمنية مثالية بالنسبة له. يتعامل مع الحاضر باعتباره زمنًا مليئًا بالتحولات والضياع، ما يجعله يشعر بالغربة.
كما هو الحال في العديد من أعمال منيف، تتناول الرواية تأثير التغيرات الاجتماعية والسياسية على الأفراد. عروة يمثل جيلًا من الأشخاص الذين عاشوا في فترات من التغيرات الكبرى، سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية. هذا التحول يدفعه إلى التساؤل عن الهوية وعن موقعه في هذا العالم المتغير.
الصراع بين الماضي والحاضر يولد شعورًا بالضياع لدى عروة. يبحث طوال الرواية عن هويته وعن معنى الحياة في ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها مجتمعه. هذا البحث عن الذات يعكس قضايا أكبر تتعلق بالهوية الجماعية للمجتمعات العربية التي تعاني من تأثيرات التحديث السريع والتغير الثقافي.
عروة الزمان الباهي تحتوي على العديد من الرموز التي تعزز الفكرة الأساسية للرواية. على سبيل المثال، الزمان الباهي يمثل الحلم أو الحياة المثالية التي يسعى الفرد إلى استعادتها، بينما يمثل الحاضر العالم الفوضوي والمليء بالتحديات الذي يجب على الشخصيات التعامل معه.
الرمزية الأخرى تظهر في العلاقات الإنسانية التي تجمع عروة بأصدقائه وعائلته، حيث تعكس هذه العلاقات التأثير المتبادل بين الفرد والمجتمع. الأصدقاء والعائلة يمثلون الجذور التي تربط الفرد بالماضي، لكنهم أيضًا يمثلون الضغوط التي يفرضها المجتمع على الفرد ليتمكن من التكيف مع التغيرات.
كعادته، يستخدم منيف أسلوبًا سرديًا يعتمد على البساطة والعمق في آن واحد. الحوار الداخلي للشخصيات يمنح القارئ فرصة للتعرف على أفكارهم ومشاعرهم بشكل أعمق. كما أن الوصف الدقيق للمكان والزمان يساهم في خلق جو من الحنين والحنان الذي يتماشى مع موضوع الرواية.
عروة الزمان الباهي هي رواية تأملية تعكس الصراع الداخلي الذي يعيشه الفرد بين الماضي والحاضر. عبر شخصية عروة، يقدم عبد الرحمن منيف تحليلًا عميقًا للهوية ولتأثير التغيرات الاجتماعية والسياسية على الفرد. الرواية تطرح أسئلة مهمة حول العلاقة بين الإنسان والزمان، ومدى تأثير الماضي على تشكيل الحاضر والمستقبل.
عبد الرحمن منيف، بأسلوبه الفريد، ينجح مرة أخرى في تقديم قصة مليئة بالتفكير والحنين، تجعل القارئ يتأمل في حياته الخاصة وعلاقته بالماضي والحاضر. عروة الزمان الباهي تمثل تجربة أدبية مميزة تتجاوز القصة البسيطة لتصبح انعكاسًا للتجربة الإنسانية بأكملها.
هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا