هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا
“إن فكرة التقدم العقلي المطرد هي أحد أوهام العقل. إنه سراب شمس العقل في صحراء آمالنا الواسعة. “الخط المستقيم لا يعرفه إلا العقل، أما الطبيعة فلا تعرف إلا محيط الدائرة.”
وما الإنسان إلا مخلوق تتركز فيه القوى الروحية والأرضية، وظلت القوى الأرضية -الممثلة بالميول المادية والغرائز الحيوانية- هي المهيمنة طوال معظم تاريخه الإنساني الطويل، حتى أشرقت شمس الفكر على أيدي اليونانيين الذي سيطر على الجانب الروحي للإنسان وجعل من العقل مرشده ومرشده. لتبدأ البشرية مرحلة جديدة، وهي مرحلة الحضارة، وتوالت بعد ذلك نماذج كثيرة من التألق الفكري، كان آخرها الحضارة الأوروبية. غير أن الصناعة، التي هي عماد الحضارة الأوروبية، أصبحت كنيسة العصر الحديث، وفتحت مع كرادلةها الرأسماليين أبوابها لجحيم الغرائز الأولى. وهذا ما دفع توفيق الحكيم إلى التساؤل عن مصير الإنسانية التي قطعت طريقاً غير سهل على طريق القوى الروحية وأضواء العقل، وهو السؤال الذي يطرحه في هذا الكتاب من خلال أنواع مختلفة من الأدب.
وهذا ملخص كتاب سلطان الظلام.
توفيق الحكيم: أحد أهم وأشهر الأسماء في جيل رواد الأدب العربي الحديث. نال مكانة خاصة في قلوب قرائه، وتربع على عرش المسرح العربي، مؤسسا اتجاها جديدا هو المسرح العقلي.
ولد حسين توفيق إسماعيل الحكيم في 9 أكتوبر 1898م في مدينة الإسكندرية لأب مصري يعمل في القضاء وأم تركية أرستقراطية. وكان لطفولته في دمنهور الأثر العميق في تكوينه.
التحق بمدرسة دمنهور الابتدائية، ثم انتقل إلى القاهرة ليلتحق بمدرسة محمد علي التوجيهي. أتاحت له إقامته في القاهرة التردد على فرقة “جورج أبيض” المسرحية. شارك في ثورة 1919، والتحق بكلية الحقوق وتخرج فيها عام 1925. ثم سافر إلى باريس لإكمال دراساته العليا في الحقوق، لكنه حاد عن هذا الهدف. اتجه إلى الأدب المسرحي والقصص القصيرة، وتردد على المسارح الفرنسية والأوبرا ومتحف اللوفر وقاعات السينما. وهذا ما دفع والده لإحضاره إلى مصر مرة أخرى عام 1928م.
شغل الحكيم العديد من الوظائف والمناصب. ومن بينهم عمله نائبًا للنائب العام، ومفتشًا للمباحث بوزارة التربية والتعليم، ومديرًا لإدارة الموسيقى والمسرح، ومديرًا لدار الكتاب المصرية، ومندوب مصر لدى اليونسكو بباريس، ومستشارًا بجريدة الأهرام وعضوًا. لمجلس إدارتها، بالإضافة إلى انتخابه عضواً في مجمع اللغة العربية.
تمهيد
تلميذ الموت
الانتصار الخالد
صلاة الملائكة
…
جلس «الموت» ذات صباح في قاعة عمله، إلى مكتب ضخم يقوم على عظام فيل، ووضع إصبعه على جمجمته مفكرًا، وعيناه الغائرتان تنظران إلى مجموعة أثرية من المناجل تزين الجدران، وفمه الواسع ذو الأسنان الصفراء يلوك سيجارًا كبيرًا منطفئًا، كأنه فرع جاف يتمايل في رأس شجرة نخرة في يوم من أيام الخريف، كل شيء فيه يدل على القلق واضطراب البال، ومد يده أخيرًا إلى ملف فوق مكتبه وانتزع منه ورقة، جعل يطالع ما فيها من إحصاءات وأرقام، على مهل وفي شيء من التأمُّل العميق، ثم طرحها فجأةً نافدَ الصبر وصاح:
– هذا إفلاس. إن هذا هو الإفلاس!
ثم ضغط على زر الجرس الكهربائي وطلب أحد مندوبيه واسمه «المرض»، فلم يلبث أن ظهر بباب الحجرة بوجهه القبيح ذي التجاعيد والبثور وعينه العوراء. وتقدم في خوف وخجل بقدمه العرجاء، فبادره «الموت» قائلًا: ما هذه الأرقام والإحصاءات التي بين يدَي؟ إن أعمالنا تتناقص على نحو مخيف، وإن دائرة أشغالنا تضيق عامًا بعد عام. إن إيرادنا السنوي من الأرواح التي اعتدنا قبضها قد هبط إلى مستوًى يدعو إلى القلق الشديد!
فتنحنح «المرض» وقال: أيها الرئيس. ينبغي أن أعترف لك بالحقيقة؛ يستحيل عليَّ الآن أن أقوم بعملي كما كنت أقوم به في الماضي. إني كنت على وشك تقديم استقالتي إليك اليوم.
…
هذا الكتاب ملكية عامة
نُشر هذا الكتاب برخصة الملكية العامة او بموافقة المؤلف- لك حقوق ملكية! اتصال بنا